7 قطاعات
نحو تنويع مصادر الدخل القومي لدولة الكويت
دراسة حول أهمية الاعتماد على
مصادر أخرى غير نفطية في الناتج القومي المحلي لدولة الكويت
تقوم الدول المتقدمة على مبدأ التمكين وتحقيق الاستقلال
عن أي ظروف خارجية يمكنها التأثير علي تقدمها وازدهارها. ولما كانت دولة الكويت من
الدول التي لازالت تعتمد على عامل النفط في حجم اقتصادها وبنسبة تصل الى اكثر من
90% ، مما يجعلها عرضة لتقلبات الأسواق العالمية بشكل كبير، كانت هذه المبادرة
الوطنية والتي قامت بها شركة اكسبر للاستشارات وإدارة الاعمال –مقرها في دولة
الكويت- للعمل على ضرورة تنويع مصادر دخل الدولة، وبالتالي ضمان تحقيق مبدئ الرفاه
لمواطنيها على المدى البعيد. وفي هذا الإطار يقول الرئيس التنفيذي للشركة السيد
نايف عبدالجليل بستكي، بأن هذه المبادرة ماهي إلا خطوة أساسية من خطوات التخطيط المنشود
نحو استنتاج المستقبل، والعمل نحو تنفيذ الخطوات المهمة قبل فوات الأوان، خصوصاً
في ظل تقلبات أسواق النفط، والتي انخفض فيها سعر برميل النفط الكويتي بأكثر من 71%
خلال سنتين فقط، مما يستوجب على أصحاب القرار من ضرورة بناء مصدات اقتصادية مرنه
تجاري تلك التغيرات في الأسواق العالمية. كما يضيف بستكي بأن هذه الخطوة تعد من
الخطوات الاستراتيجية المهمة التي ستساهم في بناء مرحلة الكويت المستقبلية –
الكويت مابعد النفط –والتي ان حدثة في المستقبل بسبب نضوب النفط، أو بوجود البديل
للطاقة، كنا قد قمنا بالاستعداد الأمثل لتلك المرحلة. وفيما يلي أبرز 7 قطاعات في
الاعمال، والتي ستساهم في تنويع مصادر دخل الدولة خلال المرحلة الأولى.
الصناعات التحويلية
أولى خطوات تنوع مصادر دخل الدولة تتطلب تحقيق الإكتفاء
الذاتي من خلال الاستثمار بقطاع الصناعات التحويلية، وتصنيع المنتجات المستوردة في
دولة الكويت. ويمكن تعريف الصناعات التحويلية بأنها العمليات التي تقوم من خلالها
بتحويل المواد الخام الأولية الى منتجات نهائية يستفيد منها الزبون مباشرة. وتتطلب مثل تلك المشاريع المزيد من رؤوس الأموال
اللازمة لإقامتها، والتي ستساهم بدورها في زيادة حجم العمالة الوطنية، وبالتالي
تحريك عجلة الاقتصاد بشكل اكبر. كما أن اختيار تلك الصناعات التحويلة ستكون على
أساس حاجات السوق الغير مشبعة، والتي تتوافر حاليا من خلال عامل استيراد تلك
البضائع من خارج دولة الكويت. وتشير نتائج البحث الذي اقامته شركة اكسبر
للاستشارات بأن اجمالي حجم المنتجات المستوردة الى دولة الكويت حتي عام
2016 بلغ حوالي 9.3 مليار دينار كويتي، بمعدل نمو سنوي يقدر بـ 6.8%- وذلك حسب
إحصاءات الإدارة المركزية للإحصاء في دولة الكويت. ويتطلب هذا الحجم الكبير من
القيمة المستوردة من المنتجات المختلفة ضرورة الوقوف حول دراسة تلك المواد
المستوردة والنظر بإمكانية تصنيع جانب منها حسب الإمكانات المتاحة في دولة الكويت.
فعلى سبيل المثال تشكل المنتجات الطبية والصيدلية قيمة كبيرة بالنسبة لحجم
المنتجات المستوردة الى دولة الكويت، إذ تشير النتائج الأخيرة بأن قيمة تلك المواد
تعادل 340 مليون دينار كويتي سنويا، والتي يمكن العمل على إقامة بعض المصانع
الطبية لتحقيق احتياج الدولة، والمنافسة في الأسواق الإقليمية. ومثال آخر على
نوعية الصناعات التحويلية التي يمكن الاستثمار فيها في دولة الكويت هو قطاع منتجات
الألبان، فعلى الرغم من وجود بعض من تلك المصانع في دولة الكويت، إلا أن الإنتاج
الحالي لا يعالج حجم الطلب الكبير من الاستهلاك، والذي تشير النتائج بأن دولة
الكويت تقوم سنويا باستيراد مايقارب 183 مليون دينار كويتي من تلك المنتجات.
مما سبق يمكن الاستدلال بأنه يمكن تصنيع العديد من
المنتجات التحويلية المختلفة في دولة الكويت –عوضا عن استيرادها من الخارج- وذلك
بتحرير الأراضي الصناعية والتي تشكل اكثر من 90% من حجم مساحة دولة الكويت الغير
مستغلة. كما أن مثل هذا النوع من الاستثمار الاستراتيجي من شأنه تحقيق الرؤية
الاستراتيجية للدولة من الوصول الى مرحلة الشراكة مابين القطاع العام والخاص من
جانب، والعمل على توظيف العمالة الكويتية في تلك المنشآت، والتي بدورها ستساهم في
تحريك عجلة الاقتصاد داخل دولة الكويت، علاوة على انها ستساهم في تنويع مصادر دخل
الدولة.
قطاع النقل
تتميز دولة الكويت بموقعها الجغرافي المتميز والذي وضعها
في قلب العالم اجمع، والذي استفادت منه الدولة منذ القدم كممر تجاري للقوافل بين
الشرق والغرب، بالإضافة الى كون الموقع يشكل أهمية كمسطح مائي ينتهي به الخليج
العربي. ولذلك كان ولابد من الاستثمار بقطاع النقل بشكل أكبر والاستفادة من تلك
الميزة التنافسية للدولة من خلال الاستعجال بالمشاريع الاستراتيجية للدولة مثل إتمام
مشروع ميناء مبارك الكبير في جزيرة بوبيان، ومطار الكويت الدولي الجديد. إن تحقيق
وتنفيذ مثل تلك المشاريع التنموية على ارض الواقع من شأنها المساهمة في تنويع
مصادر دخل الدولة، وذلك من خلال حركة المواد التجارية المختلفة من جانب، والافراد
من جانب آخر، مما سيكون له ابلغ الأثر في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي – من توظيف
للعمالة الكويتية والطلب المستمر على منتجات المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
المشاريع الصغيرة والمتوسطة
وعندما نتحدث عن قطاع المشاريع الصغير والمتوسطة، فإنه وعلى
الرغم مما تحمله هذه المنظمات من مسميات صغيرة ومتوسطة، إلا أنها كبيرة في
اسهاماتها بالناتج القومي المحلي للدول المتقدمة، والتي عادة ما تشكل أكثر من 50%
من إجمالي الناتج القومي. وعليه كان ولابد من الاستثمار بشكل جدي في هذه المشاريع
المختارة، ورعايتها بشكل ملحوظ وذلك نحو اعدادها للمنافسة الدولية في المستقبل
القريب. أما عن اهم العلامات التي لابد من توجدها في اختيار تلك المشاريع الرائدة،
فإن الجانب الشخصي لشخصية المبادر تعد من أهم العوامل التي لابد من الاهتمام بها
قبل الشروع في مرحلة دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع. وتلي بعد ذلك خطوة المشاريع
الناجحة والتي يحتاج اليها السوق المحلي –في الوقت الحالي-بشكل كبير. وفي هذا الصدد
يستهدف الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة – احدى مؤسسات
الدولة –بدعم حوالي 680 مشروع تجاري سنويا، برأس مال يقارب 118 مليون دينار كويتي.
إن ما نطمح إليه في هذا الجانب هو دعم الدولة لرواد
الاعمال الكويتيين، وذلك نحو العمل على تنويع مصادر الدخل القومي من جانب وتوظيف
العمالة الكويتية من جانب آخر، وسعيا نحو تصدير مثل تلك المنتجات والعلامات
التجارية المحلية للأسواق العالمية في المستقبل القريب.
الضرائب على الشركات
نؤمن إيماناً تاماً بأن دور الدولة الأساسي هو تحقيق
البقاء الأمثل لكيانها ومؤسساتها المختلفة، وأنها تقوم بدور المراقب العام على
مراحل نمو الدولة، والذي لابد أن يقوم فيه القطاع الخاص بمرحلة التنفيذ. وكما جرت
العادة في المرحلة الأولى من مراحل قيام الدولة الحديثة، فإن فتح الأسواق والتجارة
الحرة كانت هي المرحلة التي قامت عليها الدولة الحديثة، مع تفعيل لنظام الضرائب
والذي يكفل تقديم المنتجات ذات الجودة القياسية مقابل حق الانتفاع بأراضي ومميزات
الدولة لفترة محددة. إن تفعيل دور جني الضرائب من القطاع الخاص مع المراقبة
الفاعلة للأداء، من شأنه المساهمة في زيادة ايراد الدولة وتقليل الاعتماد على عامل
النفط. والجدير بالذكر بأن الوثيقة الاقتصادية الأخيرة للدولة قد تضمنت على مثل هذا
النوع من أنواع تنويع مصادر الدخل، وذلك باستقطاع 10% من أرباح القطاع الخاص
للدولة.
الخصخصة
ويتطلب ذلك البداً الفعلي نحو تحرير بعض من مؤسسات
الدولة من هيمنتها الى القطاع الخاص بشكل تدريجي، وذلك نحو تركيز الدولة على مهاما
وأدوارها الأساسية من رسم السياسات الاستراتيجية العامة، والمراقبة على القطاع
الخاص. فمن خلال تخصيص قطاعات حيوية مثل البريد والنقل الجوي والصحة، ... الخ،
يمكن تحديث تلك المؤسسات بآخر التطورات التكنولوجية والتي يعيقها نظام
البيروقراطية –الدورة المستندية- حالياً، نحو التقدم. كما أن تحرير مثل تلك
المؤسسات من شأنها العمل بطريقة إبداعية تسهم بإطلاقها نحو الاسواق الإقليمية
والعالمية خلال فترات قياسية، بعيداً عن الركود التي تعيش فيه تلك المؤسسات لأكثر
من 60 عاماً!!. إن نظام خصخصة مؤسسات الدولة العادل من شأنها فتح أسواق جديدة،
تساهم في زيادة مبيعاتها وإنتاجها، وبالتالي زيادة حجم الناتج القومي لدولة الكويت
بشكل ملحوظ. كما أن وجود تلك المنتجات الكويتية في الأسواق العالمية من شأنها
المساهمة بتحقيق الرؤى الاستراتيجية للدولة، وتسويق اسمها في المحافل والأوساط
المختلفة.
الشراكة مابين القطاع العام والخاص
واستكمالاً لتحقيق تلك الرؤية من تقليل اعتماد الدولة
على عامل النفط والغاز كمصدر رئيسي للاقتصاد، فإن القطاع الخاص يفتقد لبعض
التسهيلات الإدارية اللازمة والتي تقف امام تقدمة وعمله بشكل فاعل، مما يستوجب
تذليل تلك الصعوبات من قبل السلطة الأعلى في الدولة –القطاع الحكومي او القطاع
العام. وعليه لابد من وجود الشراكة الفاعلة مابين القطاعين العام والخاص، والإتفاق
على اهداف استراتيجية يتفقد عليها الطرفان. فالحكومة تبحث عن تحقيق الامن المالي
واستقرار الدولة على المدى البعيد، وفي المقابل يبحث القطاع الخاص على تحقيق
الثروات بشكل مستمر، وعليه فإن الشراكة المستمرة في محصلتها ستساهم في تحقيق
الرخاء للدولة والعمل على إضافة خطوط انتاج جديدة تساهم في تنويع مصادر دخل
الدولة. ومن الأمثلة على مثل هذا النوع من
الشراكات مشاريع الدولة لتوليد الكهرباء وتحلية المياه، مشاريع الصرف الصحي، مترو
الكويت، المدن العمالية، وغيرها.
السياحة الداخلية
كما يتوجب على الحكومة الاهتمام بقطاع السياحة الداخلية
بشكل اكبر وذلك نحو استقطاب أموال المواطنين والمقيمين في دولة الكويت نحو الخدمات
الترفيهية المختلفة، والتي بدورها ستساهم في زيادة نسبة الإيرادات الغير نفطية
للدولة الى 14.5%. كما أن إهتمام الدولة بقطاع السياحة والترفية من شأنه إعادة
استقطاب الزبائن من دول مجلس التعاون الخليجي –كما كانت في فترة الثمانينات –والتي
ستساهم بدورها في تحريك العجلة الاقتصادية للدولة من حجوزات فندقية، مطاعم مختلفة،
بالإضافة الى الكماليات ومحلات البيع بالتجزئة. ويعتبر مركز جابر الأحمد الثقافي –دار
الاوبرا- والذي افتتح مؤخراً باكورة تلك المؤسسات والتي تتطلب الاستثمار والاهتمام
بها بشكل اكبر للحفاظ عليها لمدة أطول. كما أن اهتمام الدولة بالمرافق والمواقع
التاريخية لدولة الكويت مثل جبال كاظمة، جزيرة فيلكا- ايكاروس، وغيرها من المعالم
الحضارية لتاريخ الكويت القديم، اثرة كذلك في استقطاب الزبائن الأجانب من دول
العالم، والذين يبحثون عادة عن مثل تلك المعالم التاريخية والتي تتواجد في أماكن
محدودة في العالم. ولهذا فإننا نراهن على قطاع السياحة الداخلية لدولة الكويت،
والذي نجد فيه فرصة جيدة لتحقيق موارد مالية أخرى للدولة، مقابل استثمارات محدودة.
وفي هذا الجانب، تستهدف مؤسسات الدولة الى زيادة استقطاب زوار مؤسساتها سنويا لتصل
في نهاية عام 2017 الى 1.6 مليون زائر.
وختم بستكي تصريحه بأن مثل تلك المحطات السبعة تشكل
منعطف مهم من منعطفات تنويع مصادر دخل الدولة خلال الخمسة سنوات القادمة، والتي
يمكن من خلالها بناء حاجز صد اولى لتقلبات أسواق النفط العالمية في المستقبل. كما
أن لمثل تلك المبادرات أهميتها في تشكيل برنامج عمل فاعل للحكومة، وذلك نحو جذب
الاستثمارات الأجنبية، وتحفيز الشراكة مع القطاع الخاص. كما تستوجب هذه المرحلة
تأسيس الأطر العامة والاستراتيجيات المناسبة لاستقطاب رؤوس الأموال الاجنبية الى
دولة الكويت خلال المرحلة التالية لمرحلة تنويع مصادر الدخل، وبالتالي بلوغ الرؤية
السامية بأن تكون دولة الكويت مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار.
No comments:
Post a Comment