Sunday, December 21, 2025

أزمة مجموعة بريكس والتعريفات الجمركية

 

ازمة مجموعة بريكس والتعريفات الجمركية

 

يبدو بأن الصراع التجاري المتسارع الذي تشهده دول العالم قد بلغ اشده، الأمر الذي يستوجب التحوط الجيد والاستعداد الامثل للمحافظة على المقدرات والمكتسبات. فها نحن اليوم امام مفترق طرق وفصل جديد من فصول الأزمات الجيوسياسية التي تعيشها دول العالم، نحو فرض الهيمنة والنفوذ. فبعد قرار الرئيس الأمريكي الأخير بزيادة الرسوم الجمركية على الدول، قامت في المقابل بعض الدول الكبرى بقيادة تحركات موازية، وإنشاء لوبيات للحد من التفرد والرغبة بالسيطرة على الاقتصاد العالمي.

 

مجموعة بريكس BRICS

تأسس مجموعة بريكس في عام 2001، والتي تضم في عضويتها البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا، السعودية، مصر، الإمارات، إثيوبيا، إندونيسيا، وايران. ومن مصادر قوة هذا التحالف الدولي في انه يغطي نصف سكان الارض، ويتحكم بأكثر من ربع مقدرات الاقتصاد العالمي. وتعمل مجموعة بريكس كمنتدى دولي نحو التنسيق والترتيب فيما بينها لتعزيز النمو الاقتصادي في الدول الناشئة والبلدان الاقل نمواً. كما تقوم المجموعة بتحقيق شكل من أشكال التكامل الإنتاجي عبر التعاون المشترك بين القطاعين العام والخاص، في سبيل تحقيق منافع مشتركة مثل الامن الغذائي، الصحة العالمية، انتقال الطاقة، تغير المناخ، الاقتصاد الرقمي، الذكاء الاصطناعي، التجارة الدولية، ودعم الاقتصاد. علاوة على ذلك، تهدف إلى تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة وتشجيع الإدماج الاجتماعي. كما تسعى المجموعة إلى تحسين شرعية المؤسسات العالمية والإنصاف في المشاركة وكفاءتها مثل الأمم المتحدة UN، صندوق النقد الدولي IMF، البنك الدولي World Bank، ومنظمة التجارة العالمية WTO. وتؤكد مجموعة بريكس في منتدياتها السابقة، على مبدأ أهمية العمل كمحرك للتغيير الإيجابي. وقد كان محور القمة الحالية المنعقدة في البرازيل 7/2025 يدور حوّل تلك التوجهات - التي جاءت لأجلها، بالإضافة إلى محور اساسي يحاكي تأثير قرار الرسوم الجمركية على الدولة الاعضاء، وآليه التعامل معها.

 

الازمة مع الولايات المتحدة 🇺🇸

في بداية العام الحالي 2025، قامت الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية بنسبة 100.0% على مجموعة من الدول ومن ضمنها دول بريكس. ولذلك كان من نتائج قمة بريكس الحالية، انتقاد الرسوم الجمركية الأحادية، التي رأتها المجموعة تهديدًا لمبدأ الاقتصاد العالمي، ومخاوف الدول الاعضاء بشأن رفع الرسوم الجمركية من جانب واحد، والذي يعيق التجارة، ويتعارض مع اسس وقواعد منظمة التجارة العالمية. ولذلك تعكف مجموعة بريكس إلى التصعيد بتقليل الاعتماد على الدولار في التجارة العالمية - المعروف بإزالة الدولار أو de-dollarization، والذي يشكل تهديداً مباشرة لهيمنة الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي. وقد تسارعت الاحداث، بإستباق الولايات المتحدة، بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10.0% على الدول التي تدعم سياسات بريكس.

 

ردة فعل بريكس

كانت القرارات المتخذة، لغاية الان في اتجاه الولايات المتحدة، بيد ان ردة فعل تحالف بريكس اقتصادياً، قد يجاري تلك القرارات الغربية، ما قد يعود الأطراف إلى طاولة المفاوضات والتنازلات في سبيل تحقيق المصلحة العامة. وفيما يلي ابرز الاحداث التي من الممكن بلوغها:

  • تعزيز التجارة باستخدام العملات المحلية لتقليل الاعتماد على الدولار، خاصة بعد العقوبات الغربية على روسيا وإيران - من الدول الاعضاء، ما دفعت هذه الدول للبحث اضطراراً عن بدائل للتحويلات المالية خارج نظام سويفت.
  • تحويل ديون الدول الأعضاء من الدولار إلى العملات المحلية.
  • إطلاق عملة رقمية مشتركة، بهدف خفض الاعتماد على الدولار.
  • انشاء بنك التنمية الجديد، والذي سيحل بديلاً عن البنك الدولي وصندوق النقد، والذي سيقوم بتسهيل منح القروض بالعملات المحلية، بقوائد اقل.

 

السيناريوهات المحتملة

أما بخصوص المستقبل القريب، فإن الدبلوماسية وتحكيم العقل، قد يعود مره اخرى، في فك مثل تلك المنازعات. وفيما يلي ابرز العلامات التي قد تظهر على الساحة الدولية:

  • من المتوقع تباطؤ النمو في حجم الاقتصاد العالمي وارتفاع التضخم. ومن المحتمل زيادة اسعار بعض السلع خصوصاً تلك المستوردة من مجموعة بريكس مثل القهوة من البرازيل وإثيوبيا، الأرز من الهند ، والمعادن من جنوب أفريقيا.
  • مع استمرار التهديدات المتصاعدة بين اقطاب دول العالم بين الولايات المتحدة من جانب، وروسيا والصين، من جانب اخر، قد يعزز من مبادرات ازالة الدولار، ما تراه الولايات المتحدة، خط احمر لايجوز تعديه!.
  • كما قد تلتزم مجموعة بريكس نحو التعددية وإصلاح الحوكمة العالمية، مع خطط لتطوير مبادرة الضمانات متعددة الأطراف، في بنك التنمية الجديد لخفض تكاليف التمويل وزيادة الاستثمار.
  • إنشاء عملة مشتركة بين مجموعة بريكس أو نظام دفع بديل، قد يواجه عقبات بسبب الاختلاف الحالي في أنظمة الدول الاعضاء اقتصادياً.
  • كثفت بريكس بالفعل، من جهودها للحد من الاعتماد على الدولار، وذلك من خلال تعزيز التجارة بالعملات المحلية بين الأعضاء.

 

وختاماً قالت شركة اكسبر للاستشارات وادارة الاعمال، بأن المسار المحتمل يتجه نحو قبول التحدي، والرغبة بالتصعيد، نحو ايجاد نظام دولي يحتمل الأقطاب المتعدده. كما ان الخلافات الداخلية في بريكس قد تحد من سرعة المواجهة الغربية، على الرغم من النمو والتوسع الذي تضمه مجموعة بريكس. وقد سرعت العقوبات على الدول، في المساعي نحو الاستقلال المالي التجارة الحرة. فقد عززت العقوبات والتوترات الجيوسياسية الأخيرة، من شكل ونمو حجم التبادل التجاري بين روسيا والصين - على سبيل المثال- والذي بلغ 245.0 مليار دولار أمريكي في 2024، حيث تجرى جميع التسويات الآن بالروبل واليوان.

 

No comments:

Post a Comment