نموذج عمل شركات المنيوم
دراسة حالة لطريقة تحقيق القيمة المضافة
أدرك الافراد
أهمية تشييد نظام العمل المؤسسي لبقاء واستمرارية الشركة في المنافسة. فبعدما كانت
المؤسسات تقوم على الفرد الواحد وتحقيق النجاح المتقطع، والذي يعتمد على مدى رغبة
وقدرة الجيل الثاني في إدارة العمل وتحمل المسؤولية. جاءت مرحلة الاستمرار والتوسع،
والتي تتطلب تحقيق الحد الأدنى من نظام العمل المؤسسي، وإحدى تلك المبادئ في
الإدارة الجيدة لتلك الشركات، هي ان يكون لها نموذج عمل يشرح كيفية تحقيقها للقيمة
المضافة. ويساهم نموذج العمل او ما يعرف ب Business Model في فهم الافراد لطريقة عمل الشركة، وتحديد مواقع
القصور، والذي يسهم في تقليل المخاطر توجيه الاعمال، نحو المزيد من المكتسبات. وفي
هذا التقرير تقوم شركة اكسبر للاستشارات وإدارة الاعمال بدولة الكويت، بإسقاط
نموذج الاعمال على احدى شركات صناعة وتركيب الالمنيوم، وذلك لشرح كيفية عمل هذا
النظام، وفهم الفكرة بشكل أفضل.
القيمة
المضافة
فهمت الشركة حاجة
الزبائن في السوق المحلي لمنتجات و (تصاميم مميزة) من الابواب والنوافذ المستخدمة
في منازل وشاليهات الزبائن، والتي تصنع من إطارات الالمنيوم وتكون مجوفة بمادة
الزجاج. كما أدركت الشركة اهمية ان يكون تعشيق الالمنيوم عند الزوايا بشكل جيد،
الامر الذي يسهم في خفض نسبة (انتقال الغبار) والاتربة، بالإضافة الى منع (تهريب
مياه) الامطار للداخل. كما ان الاعتماد على مادة فاعلة من الزجاج المستورد من
الخارج، له من الاهمية في تحقيق حاجة اخرى للزبائن، تتضمن الرغبة في (عزل الأصوات)
من الداخل الى الخارج والعكس، اضافة الى الرغبة في (مشاهدة اشعة الشمس)، مع أهمية
تحقيق (الخصوصية) في عزل الصورة الداخلية. كما ايقنت الشركة عدم قدرتها على تصنيع
مادة (الشتر) المستخدمة كحماية إضافية على مادة الالمنيوم والزجاج، والذي أدى الى
الحصول على الوكالة الحصرية لإحدى الشركات العالمية الرائدة في هذا القطاع.
الشريحة
المستهدفة
كل تلك
الاحتياجات، جعلت الشركة تستثمر بقطاع التصميم والبحث عن أفضل الموارد المصنعة
بإتقان للوقوف حول تلك الرغبات، واخراج المنتج النهائي بصورة لائقة مطابقة
لاحتياجات السوق. بالإضافة الى ذلك، فإن الشركة استطاعت تحديد شكل الشريحة
المستهدفة من الزبائن التي تبحث عن كل تلك الاحتياجات او اكثرها بشكل مستمر. فعادة
ما يقوم الافراد من (المواطنين
(ببناء المنزل
في الاعمار ما بين (35-40 سنة (، والتي يكون
دخلها الشهري متفاوت ما بين 1000-4000 دينار. كما
تعلم الشركة جيداً بأنها لن تستطيع تلبية احتياجات السوق بأكمله، ولذلك اختارت ان
تستهدف شريحة محددة من السوق الكلي، وهم اصحاب (الدخل الشهري ما بين 2000-3000 دينار)،
والتي يقدر اعدادها بحوالي 80
ألف شخص. كما
ان النمو السنوي لهذه الشريحة المستهدفة بلغ حوالي 4.5% سنوياً، والذي يعد بتحقيق المزيد من
المكتسبات المالية مستقبلاً. وتساهم مثل تلك المواصفات الدقيقة، من تسهيل العمليات
التسويقية، ومعرفة أبرز احتياجات الزبائن ومجاراتها. كما ان تصميم المنتجات
المساندة، يمكن استدراكها وفهمها من خلال معرفة الشريحة المستهدفة من الزبائن، مثل
الهدايا، التغليف، مكان المعرض، اللبس الموحد، الهوية البصرية، ونحوها.
قنوات
الاتصال
وبعد ذلك،
أدركت شركة الالمنيوم، أهمية الإعلان عن وجود منتج تنافسي جديد يلبي احتياجات
الزبائن في السوق. فقامت الشركة بإرشاد وتوجيه السوق حول وجود تلك المنتجات من
خلال الإعلان عبر منصات (التواصل الاجتماعي) المختلفة مثل سناب، انستغرام، تيك
توك، اكس، وغيرها، والتي عادة ما تتواجد فيها الشريحة المستهدفة من الزبائن بشكل
مستمر. كما ان مثل تلك الوسائل الالكترونية الحديثة لها من الأهمية في خفض تكاليف
الإعلان مقارنة بالإعلانات التجارية التقليدية. وأدركت إدارة الشركة أهمية
التكنولوجيا في الوقت الحاضر، فقامت بالاستثمار في قطاع الهواتف الذكية
وتطبيقاتها، في سبيل مجاراة التطور وبناء اسم تجاري في قطاع الالمنيوم. كما اختارت
الشركة مجموعة من الزبائن المهمين، وقدمت لهم عروض و(خصومات) ترويجية، والتي ساهمت
من توقيع العقود معهم، الامر الذي كوّن للشركة سمعة اولية وتسويق مادي محتمل
للمشاريع القادمة. ومن جانب متصل، تدرك شركة الالمنيوم ان طريقة العمل في القطاع،
قد تستوجب حضور الزبائن للمعرض مرة واحدة في العمر، على اعتبار ان الشريحة الأكبر
من العملاء تبني منزل واحد فقط، ولذلك كان الاهتمام الأكبر في قطاعات اخرى لها من
الأهمية في تنمية اعمال ومصادر انتاج الشركة من الصيانة والخدمة ما بعد البيع،
بالإضافة الى التسويق اللفظي للزبائن وترشيح الشركة لبقية الاهل والأصدقاء.
العلاقة
بالعملاء
كما أدركت
شركة الالمنيوم أهمية العميل ودورة المحوري في نجاح العمل، ولذلك جعلت لديها قسم
خاص يهتم بالعلاقة المتبادلة مع الزبون. وقد بدأت طريقة الاهتمام بالعميل، فور
دخوله للمعرض، والاستقبال الجيد الذي سيحصل عليه، ايماناً من الشركة بأهمية ترك
الانطباع الاولي في نجاح العمل المؤسسي. كما انه لتدوين بيانات الزبون من ارقام
للتواصل، تحديد الاحتياجات، طريقة الوصول، وغيرها من معلومات إضافية، ساهمت في
بناء جسور مستقبلية للتواصل والتعاون. وقد وضعت الشركة امامها اعداد الزبائن
واعداد العملاء كمقياس للنجاح KPIs،
والتي تستوجب الوقوف عندها. كما ايقنت الشركة أهمية الخدمة ما بعد البيع، ووجود
(خط اتصال) ساخن، لسد كافة احتياجات العملاء وحل المشاكل الفنية الطارئة. ولذلك،
استثمرت الشركة بالقطاع الفني بشكل جيد، والذي جعلها تستقطب أفضل الخبرات الفنية،
مع التأكيد على عامل التدريب والتطوير لبقية أعضاء الفريق. ومع ذلك، تدرك الشركة
بأن وجود عمالة فنية وإدارية ماهرة، ستستزف المزيد من المصادر المالية المكتسبة،
ولذلك كان لمعرفة القدرات المالية للشريحة المستهدفة من الزبائن، له من الأهمية في
سد تلك المصروفات الاضافية. كما ان وجود عمالة فاعلة، له من الأهمية في تحديد شكل (العلامة
التجارية) للشركة وتصور بناءها الاستراتيجي، من حيث بقاءها كقيمة تجارية فاعلة في الأسواق
لمدة اطول. كما ايقنت الشركة ذلك مبكراً، من خلال إطلاق الاسم التجاري لها على
كافة المواد المستخدمة في عمليات التصنيع، من الحديد، الالمنيوم، الربلات
المطاطية، وغيرها. كما اهتمت الشركة كذلك بالعلامة التجارية وجعلتها حاضرة على
الطرق وفي منازل العملاء، عند الانتقال لعمل الصيانة اللازمة، بحيث يمكن اعتبارها
دعاية وتسويق بالمجان. تتضمن تلك الخطوة، اهتمام الشركة، بوجود لباس موحد، وادوات
تحمل اسم العلامة التجارية للشركة.
مصادر
الإنتاج
بعد ان قامت
الشركة بمعرفة شكل المنتجات المطلوبة من جانب، وحددت الشريحة المستهدفة من الزبائن
وأسلوب التواصل والاتصال معها من جانب آخر، جاء دور الشركة الداخلي للعمل على
تحديد كافة مصادر الإنتاج اللازمة لإخراج وإظهار المنتج بالطريقة اللائقة. ولذلك
اختارت الشركة مكان (المعرض) التجاري لها بأن يكون بالقرب من وجود الزبائن
والمنافسين، بالإضافة الى تحديد مكان (المصنع) البعيد عن المدينة وذلك لتقليل
المصاريف الثابتة من ايجارات. وتتطلب عمليات الربط بين المعرض والمصنع، من وجود
(سيارات) مجهزة ب (الادوات) المطلوبة لنقل العاملين والمنتجات الى مواقع المشروع.
وقد فهمت الشركة أهمية استغلال الأصول التي عندها بشكل أمثل، فقامت بوضع العلامة
التجارية للشركة واسلوب التواصل معها، على تلك السيارات، الامر الذي ساعد في زيادة
اعداد المبيعات، وظهور العلامة التجارية في اذهان الزبائن بشكل مستمر. وبطبيعة
الحال، تتطلب عمليات التصنيع وجود (المواد الأولية) اللازمة وتخزينها، بالإضافة
الى أفضل (الآلات والمكائن) التي تفي بالاحتياج المستقبلي. بالإضافة الى ذلك، وجدت
شركة الالمنيوم نفسها حاضرة امام مهمة أخرى تتطلب اختيار أفضل (الموظفين) و
(العاملين) في المصنع، والذين سيكون لهم الدور الأكبر في ابراز شكل العلامة
التجارية للشركة ونموها. تراهن شركة الالمنيوم على المواد المستخدمة بشكل كبير،
الامر الذي استثمرت فيه الكثير من الأموال، وذلك لبقاء الشركة ضمن إطار دائرة
المنافسة على المدى الطويل.
اهم
الاعمال
تتطلب اعمال
شركة الالمنيوم فهم كافة الأدوار والمهام اليومية لفريق العمل، وذلك نحو خلق
القيمة المضافة للمنتج كما هو مخطط له. اذ يهتم فريق العلاقات العامة في الشركة
بإظهار العلامة التجارية بشكل مستمر، وذلك من خلال المشاركة في (المعارض) والظهور
في منصات (التواصل الاجتماعي)، بالإضافة الى بقية وسائل الإعلان الأخرى لتغطية
اخبار وانشطة الشركة عبر (المجلات والجرائد). كما ان دور قسم التسويق منصب نحو
إدارة العميل من حيث (الاستقبال) بالشكل الذي يليق به، بالإضافة الى فهم (مميزات)
منتجات الشركة وايصالها للعميل، بعد فهم رغباته واحتياجاته. كما ان قطاع التصنيع
في الشركة، يدرك تماماً أهمية ادارة (المخزون) من المواد الأولية اللازمة لعملية
التصنيع، والمضي قدماً نحو عمليات وخطوط الإنتاج المختلفة مع التأكيد على (جودة
المنتج) وتقليل حجم المنتجات الغير مطابقة للمواصفات، قبل مرحلة التركيب في مواقع
المشروع ضمن (البرنامج الزمني). كما ان قسم خدمة العملاء، يقوم في كل يوم بإعداد
التقارير اللازمة حول معدل (رضا العملاء)، والتي تعتبر احدى العلامات المهمة في
قياس نجاح العمل في شركة الالمنيوم.
الشُركاء
تعي شركة
الالمنيوم أهمية العمل المؤسسي المتوازن وان النجاح المشترك هو أساس البقاء والاستمرار
في الأسواق، ولذلك كان لدى الشركة العديد من الشُركاء من أصحاب المصالح الذين كان
لهم الدور الأكبر في تسريع عملية خلق القيمة المضافة للعميل. ويأتي (القطاع العام)
كأحد أبرز الشركاء التي تعتمد عليها شركة الالمنيوم، والتي تتضمن الهيئة العامة
للصناعة، وزارة التجارة، غرفة تجارة وصناعة الكويت، الإدارة العامة للجمارك، بلدية
الكويت، الإدارة العامة للإطفاء، وغيرها. كما ان العمل التجاري لا يقتصر قيامه على
القطاع العام، بل يتجاوز ذلك للتعاون المشترك مع القطاع الخاص، متمثل في (شركات
التأمين) وشركات (توريد) المواد الأولية والمنتجات الثانوية. وتعي إدارة الشركة
أهمية عدم الاعتماد على مصدر واحد، وذلك للحد من حدوث مخاطر عالية تكون عواقبها
كبيرة. كما ان الاتفاق مع شركات المقاولات الأخرى لها من الأهمية في استمرار اعمال
الشركة بشكل جيد، مثل شركات (صيانة المكائن)، الآلات الدقيقة، وغيرها.
المصاريف
وبعد
الانتهاء من المحاور السبعة السابقة، أصبح لدى شركة الالمنيوم صورة اكثر وضوحاً عن
كافة محاور وبنود التكاليف الثابتة والمتغيرة، اللازمة لإتمام عملية النجاح
المطلوبة. اذ تعي الشركة بأن هناك بعض المصاريف الغير مرتبطة بالأعمال، والتي
تستوجب دفعها حتى في حال عدم وجود أي عقود عمل، مثل (ايجارات) المباني، (رواتب)
الموظفين والعاملين، وغير ذلك. أما بخصوص التكاليف المرتبطة بالعقود والمشاريع،
فتتمثل في (المواد الأولية)، (المنتجات الثانوية)، (الصيانة)، الدعاية و
(الاعلان)، وغيرها. ان إدراك شركة الالمنيوم لقائمة المصروفات والتكاليف التي
عليها، لها من الأهمية في تحديد تكلفة الإنتاج الفعلية للمتر الطولي من الالمنيوم،
الامر الذي يسهم في تقليل المخاطر المحتملة على الاعمال، وادارتها بشكل اكثر
فاعلية.
الإيرادات
وخلاصة
الامر، ان شركة الالمنيوم تدرك تماماً مصادر الإيرادات والتدفقات المالية عليها.
اذ ان نشاط الشركة قائم على (تصنيع وتركيب) الأبواب والنوافذ، وهو المصدر الرئيسي
لعملية الايراد. كما ان الخدمة ما بعد البيع، وعقود (الصيانة) عند الشركة، سواء مع
الشريحة التي قامت بالتركيب عندها او تلك التي عملت مع المنافسين، تعد هي الأخرى
من مصادر الايراد المالي للشركة. وتعتمد الشركة كذلك على بيع بعض (المنتجات
المساندة) لخطوط الإنتاج الرئيسية، والتي تقوم ببيعها مباشرة في الأسواق إضافة الى
الاستخدام الداخلي، مثل الربلات المطاطية، الاقفال، ونحوها. كما ان شركة
الالمنيوم، أصبحت (الوكيل الحصري) لمنتج الشتر ومادة السيليكون المستخدمة في تغطية
الفراغات والمساحات، والتي تحصل على إيرادات من خلالها كذلك. ونتيجة جهود واعمال
الشركة بشكل احترافي، فإن اختيار المواد ذات الجودة العالية، وتقديم خدمات إضافية،
اثمرت عن زيادة القيمة السوقية للعلامة التجارية لشركة الالمنيوم. الامر الذي ساهم
في زيادة حجم هامش الربحية المضافة على المبيعات، والتي وجدت الشركة نفسها متسيدة
للسوق وصانعة للأسعار.
No comments:
Post a Comment