تأثير تطبيق نظام
الحوكمة على القيمة السوقية للشركات في السوق الكويتي
ندوة اتحاد الشركات الاستثمارية
المقدمة
تقوم الاعمال
الحديثة على عنصر التطوير والتحديث بشكل مستمر، بحيث تتماشى مع متطلبات وحاجيات كل
مرحلة من مراحل العمل المؤسسي. وظهرت في الآونه الأخيرة مصطلحات فنية لابد من
الوقف معها لدراسة مضمونها التكويني والقيمة المضافة التي ستحققها تلك المبادئ في
الأعمال التجارية الحديثة. ومن تلك المفاهيم مصطلح حوكمة الشركات او ما يعرف بـ Corporate Governance ،والتي تكمن
أهمية وجودها في الحفاظ على الشركات والمؤسسات بعد حدوث الأزمات المالية المتعاقبة
،وكيفية حفاظ بعض من تلك المؤسسات على أصولها مقارنة بالأخرى.
نشأة الحوكمة
ظهرت الحاجة
الملحة لتطبيق مبادئ نظام الحوكمة في الشركات، تحديداً بعد الأزمات المالية
والانهيارات الاقتصادية التي لحقه بدول العالم المختلفة في الآونة الأخيرة. وقد
بدأ العمل الجدي بتطبيق نظام الحوكمة بعد الازمة الاقتصادية التي عصفت باقتصادات
دول اسيا – ماليزيا وكوريا واليابان – في عام 1997. ومن جانب آخر فقد كان للدور
المحوري الكبير بتحول اقتصادات كثير من دول العالم نحو النظام الاقتصادي الرأسمالي–
والذي يعتمد بشكل كبير على دور القطاع الخاص في التنمية – دوره في تطبيق وتشييد
نظام الحوكمة في المؤسسات العالمية. وكذلك، فإن انفصال ملكية الشركات والمؤسسات
الحديثة عن الإدارة التنفيذية، دورها –كذلك- في البحث عن نظام أساسي جديد للرقابة
والمتابعة الدورية.
ماهي الحوكمة
يعتبر مفهوم
الحوكمة من المفاهيم الإدارية الحديثة التي تعبر عن فكر مؤسسي تقوم المؤسسة بتبنية
وتطبيقة بهدف تحقيق أهدافها الاستراتيجية. ولذلك فلا يوجد تعريف محدد تقوم عليه
الحوكمة بشكل قاطع ،بل هي مبادئ تقوم على أساسها عناصر المؤسسة. وقد قامت مؤسسة
التمويل الدولية IFC
بتعريف الحوكمة بشكل مباشر بأنها: " النظام الذي يتم من خلاله إدارة الشركات
والتحكم في أعمالها". كما أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD –قد قامت هي الأخرى بتعريف
نظام الحوكمة بأنها: "مجموعة من العلاقات التي تربط بين القائمين على إدارة
الشركة ومجلس الإدارة وحملة الأسهم Stack holders وغيرهم من أصحاب المصالح ". ولذلك ومما
سبق يمكن الاستدلال على انه لا يوجد تعريف محدد للحوكمة، وأنها –أي الحوكمة – هي
الطريقة التي تدار بها الشركة، وآلية التعامل والتقاء أصحاب المصالح فيها.
ولهذا فتقوم
الحوكمة بتنظيم العلاقة بين الأطراف الرئيسية في الشركة، وتحديداً المساهمين
وإدارة الشركة التنفيذية ومجلس الإدارة، بحيث تحدد الحوكمة مسؤوليات كل طرف
وحقوقه. كما تهدف الحوكمة الى تعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة والمسؤولية
والعدالة، من خلال وضع مجموعة من القواعد التي يجب على الشركات التقييد بها.
اطراف الحوكمة
تقوم الحوكمة
على اطراف رئيسية واطراف أخرى، موضحة كما يلي:
·
مجلس الإدارة
·
الإدارة التنفيذية
·
ملاك الاسهم
اهمية الحوكمة
تكمن أهمية تطبيق نظام الحوكمة في الشركات، بتحقيق كل من
العناصر والمبادئ الرئيسية التالية:
·
تحقيق الشفافية والعدالة، والبعد عن
الغموض والسرية والتضليل.
·
مكافحة الفساد.
·
رفع الحس بالمسؤولية والأخلاق المهنية لدى الإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة.
·
الرقابة ومساءلة الإدارة التنفيذية عن
أداءها.
·
التأكد من عمل الشركة وفق اهداف ورؤى
استراتيجية.
·
تحقيق رغبات أصحاب المصالح، والحفاظ
على الثروات ومصادر الإنتاج.
·
بقاء المؤسسة في الأسواق للمنافسة،
والنمو المستمر.
تطبيق نظام الحوكمة
يعتمد التطبيق الناجح لنظام الحوكمة في المؤسسات
والشركات على عدة عوامل داخلية وخارجية وهي:
· العوامل
الداخلية
تتضمن العوامل الداخلية مجموعة من
الضوابط والاسس في داخل المؤسسة ومنها، آلية اتخاذ القرارات، توزيع المناصب
القيادية فيها، وغيرها.
·
العوامل الخارجية
اما المقصود بالعوامل الخارجية وراء
تطبيق نظام الحوكمة في الشركات، فهي وجود وانشاء التشريعات والقوانين الاقتصادية
في الدولة مثل قانون سوق المال، قانون الشركات، قانون تنظيم المنافسة، ... الخ.
بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل كفاءة القطاع المالي في الدولة، كفاءة الأجهزة
والهيئات الرقابية والمؤسسات الخاصة للمهن الحرة، وغيرها.
قواعد الحوكمة
تخصصت بعض الجهات العالمية في قطاع
حوكمة الشركات، وقامت بأخذ المبادرة في تشييد ووضع معايير محددة للتطبيق. ومن تلك
المؤسسات:
·
منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية
والتي قامت بإعداد مبادئ حوكمة
الشركات في عام 2004، والتي تعتبر المرجع الرئيسي للكثير من الشركات العالمية.
ستة مبادئ رئيسية للحوكمة:
1- ضمان وجود
أساس لإطار فعال لحوكمة الشركات، من تطبيق وتشريع للقوانين اللازمة، رفع القيود عن
نقل رؤوس الأموال، ... الخ
2- ضمان حقوق
المساهمين، من تسجيل لملكية الأسهم وتحويلها، الحصول على المعلومات اللازمة،
التصويت في الجمعيات العامة، ... الخ.
3- المعاملة
المتساوية للمساهمين، والحفاظ على حقوق الأقليات.
4- دور أصحاب
المصالح في خلق الثروات والمصالح المشتركة.
5- الإفصاح
والشفافية، بما في ذلك المركز المالي للشركة.
6- مسئولية مجلس
الإدارة، والذي يتضمن التوجية والإرشاد الإستراتيجي، ومحاسبة مجلس الإدارة،
وغيرها.
·
بنك التسويات الدولية BIS – لجنة بازل
وقد قامت لجنة بازل بإعداد المبادئ الرئيسية لتطبيق نظام الحوكمة والتي
تعتبر المرجع الرئيسي لجميع البنوك والمصارف العالمية.
·
مؤسسة التمويل الدولية – التابعة
للبنك الدولي
والتي قامت
هي الأخرى بتشييد قواعد رئيسية لتطبيق نظام الحوكمة في الشركات العالمية المختلفة.
الهدف من الدراسة
يهدف هذا
المشروع الى دراسة الحالة المعنوية مابين وجود وتطبيق نظام الحوكمة في الشركات
التابعة لهيئة اسواق المال في دولة الكويت، ومدى تأثر قيمتها السوقية Market Capitalization في السنوات
الخمسة الماضية. إن استنتاج مثل تلك العلاقات ومدى ترابطها سيؤكد من أهمية تطبيق
نظام الحوكمة في الشركات المحلية.
·
تزايد وتيرة حدوث الازمات المالية
العالمية والإقليمية خلال الفترات الأخيرة. فقد بلغ معدل حدوث ازمة مالية عالمية
هي مرة في كل 10 سنوات:
o
1997 اسيا.
o
2008 الازمة المالية العالمية – الرهن
العقاري.
·
اما بالنسبة للازمات الإقليمية –والتي
تختص بمنطقة محددة، فكانت تتكرر في كل خمسة سنوات تقريبا:
o
1982 سوق المناخ.
o
2012 ازمة دبي.
·
قامت شركة اكسبر للاستشارات
الاستراتيجية بدراسة حالة 50 شركة تجارية رائدة في السوق الكويتي وقطاعات عملها
المختلفة.
·
بلغ متوسط القيمة السوقية لتلك
الشركات خلال الفترة مابين 2009-2014 حوالي 18.6 مليار دينار كويتي، موضحة في
الشكل التالي:
·
تشكل تلك العينة المختارة من الشركات
الرائدة حوالي 62.3% من إجمالي حجم القيمة السوقية للسوق الكويتي، حسب نتائج عام
2009، كما هي موضحة في الشكل التالي:
·
والجدير بالذكر بأن هيئة اسواق المال
في دولة الكويت وهي الجهة الرقابية المعنية في تطبيق نظام الحوكمة على الشركات في
الدولة، قد قامت بتأجيل الموعد النهائي للشركات التابعة لها لتطبيق النظام، وفي
فترة نهائية هي يونيو 2016.
فرضيات المشروع
·
وقد تضمن هذا الجانب تصنيف الشركات من
حيث وجود نظام اساسي او تصريح معنوي نحو تطبيق وتحقيق نظام الحوكمة فيها، والتي تم
اختيارها بالتساوي مابين وجود/ وعدم وجود نظام للحوكمة.
·
تم اعتماد فرضية تطبيق نظام الحوكمة –ان
وجدت- في عام 2009 ،أي في بداية العمل بالمشروع.
·
تبدأ السنة المالية للشركات المختلفة
في اول السنة المالية وتنتهي في نهايتها، وذلك لقياس مدى تطبيق الحوكمة في السنة
المذكورة.
نتائج المشروع
·
تشير النتائج الاولية للمشروع بأن سوق
الكويت للأوراق المالية قد تضمن فترتين من الهبوط في السنوات الخمسة السابقة، والتي
كانت في أعوام 2011 و 2014 والتي كان لها الاثر السلبي على حجم السوق الكلي وبنسب
هبوط تقدر بـ 32.5% و 10.9% -على التوالي.
·
تشير نتائج المشروع الرئيسية بأن 56%
من الشركات والمؤسسات التي لديها نظام جيد للحوكمة Corporate Governance، استطاعت
تحقيق معدل زيادة في قيمتها السوقية تجاوز 43.9% خلال السنوات الخمسة السابقة.
·
وقد بلغ متوسط نمو السوق بالنسبة
للقيمة السوقية معدل 4.7% للسنوات الخمسة الماضية.
·
وتشير النتائج الى ان 44% من الشركات
التي لم يكن لديها نظام للحوكمة، قد انخفضت قيمتها السوقية بحوالي 37,8%.
·
وكذلك تشير نتائج البحث بأن 72.2% من
الشركات التي تتجاوز قيمتها السوقية –اكثر من 100 مليون دينار كويتي – بدأت بتطبيق
نظام الحوكمة.
·
في حين لم تتجاوز نسبة تطبيق نظام
الحوكمة في الشركات التي كانت قيمتها السوقية اقل من 100 مليون دينار كويتي سوى
37.7%.
·
وكذلك توضح نتائج التقرير بأن نسبة
الخطورة المحتمل حدوثها في الاعمال بالنسبة للشركات والمؤسسات التي ليس لديها نظام
للحوكمة اكبر من الشركات التي لديها ذلك النظام. ففي الشركات التي ليس لديها نظام
للحوكمة كانت نسبة التطاير/ التغيير في القيمة السوقية لها -/+ 17.2% ،في حين انها لم تتجاوز-/+ 11.6%
بالنسبة للشركات التي تعمل بنظام الحوكمة، في اشارة الى ان عدم وجود نظام جيد
للحوكمة سيؤدي في النهاية الى تقليل حجم الاستقرار في المؤسسة وبالتالي زيادة نسبة
المخاطرة وضياع الاعمال.
·
ومن جانب آخر فقد أكدت نتائج البحث
بأن نسبة تطبيق نظام الحوكمة في الشركات الكبري – التي تتجاوز قيمتها السوقية 51
مليون دينار كويتي – ما يعادل 175.9 مليون دولار امريكي في عام 2014– هي 71.7%، في
حين تعاني الشركات التي لاتتجاوز قيمتها السوقية 50 مليون دينار كويتي من التطبيق
الفعلي للنظام اذ انها لاتتجاوز 27%، ويوضح الشكل التالي تفاصيل التوزيع البياني.
الاستنتاجات والتوصيات
·
وختاماً فإن النتائج تشير إلى أهمية
وضرورة تطبيق نظام الحوكمة في الشركات والمؤسسات التي تسعى نحو النمو المستدام Sustainability، والتي اثبتت نتائج التقرير بأن نظام
الحوكمة يضمن تقليل نسبة المخاطرة المحتمل حدوثها على الشركات الواقعة في اطار
السوق الكويتي
جراء الازمات المالية ومنافسات الاسواق.
·
وتبين النتائج كذلك الارتباط الوثيق
مابين وجود نظام للحوكمة في الشركات، ونمو قيمتها السوقية وبالتالي تضخيم ارباحها
وزيادة حجم اصولها.
·
وكذلك تشير نتائج المشروع الى أن
غالبية الشركات الكبرى الرائدة هي التي بدأت فعلياً في تطبيق نظام الحوكمة وذلك في
إدارة شركاتها ومؤسساتها وبنسبة تقارب 85.8% من إجمالي القيمة السوقية للشركات،
وانه لابد من الشركات الصغرى من حذوا اتجاه تلك الشركات في تطبيق نظام الحوكمة
خلال الفترة القصرة القادمة – من 3-5 سنوات.
·
وعلى الرغم من النتائج الجيدة لتطبيق
نظام الحوكمة في الشركات الكويتية، إلا أن مفهوم الحوكمة وآلية تطبيقه لم يتجاوز 4
سنوات فقط وفي الشركات الرائدة، مما يستوجب بذل المزيد من الجهود والإمكانيات مع
توفير الوقت الكافي للحصول إلى القيمة المضافة التي يضمنها نظام الحوكمة.
مصادر البحث
·
اساسيات الحوكمة: مصطلحات ومفاهيم،
سلسلة النشرات التثقيفية لمركز أبوظبي للحوكمة – مركز أبوظبي للحوكمة.
·
مشروع الحوكمة في دولة الكويت –شركة
اكسبر للاستشارات الاستراتيجية.
Business sustainability
P.O. BOX 21407 – Safat 13075 Kuwait
Tel: +965 600-39277 (600-EXCPR)
No comments:
Post a Comment